ما الفرق بين إنفلونزا الطيور وإنفلونزا التربية؟
لفت نظري طفل لا يتجاوز عمره سبع سنوات ويتحدث عن برنامج (ستار أكاديمي) وكأنه هو المخرج للبرنامج أو المنتج له.ولفت نظري طفلاً أخر عمره لا يتجاوز سبع سنوات ويحفظ القرآن كله في ثمانية أشهر.
ولو تأملنا أكثر في تربية الطفلين ودخلنا إلى نفسية والديهما، لوجدنا أن (كل إناء بما فيه ينضح)، وأن هذه الثمار هى من تلك الزراعة، فالبيت الأول همه الفضائيات وحياته في(ستار أكاديمي)، بينما البيت الثاني همه الآخرة ومرضاة الله تعالى ، فكانت المخرجات على حساب الاهتمامات والأهداف .
ولهذا ردد علماؤنا (همك ما أهمك فليكن همك الأخرة) ، أى أنك ستشتغل بالحياة بهموم كثيرة ولكن أفضل هم تشتغل به من أجل أن تهتم بشيء ليكن له ثمرة نافعة في الأخرة. لأن الله تعالى خلق البشر وجعلهم يحبون التنافس في الحياة وأقام هذه الدنيا على سنة الصراع والتدافع. فالناجح من كل تنافسه مع الأخرين في الخير.
فإذا كان الوالدان كذلك انطبعت هذه المعاني على نفسية الأبناء وخاصة في مراحل تكوينهم الاولى فيتشكل الأبناء تشكيل تربوي مميز يساهم في عمارة الأرض ويحقق رضى الله تعالى ... وقد مر علي شاب في سن المراهقة وقد هداه الله للخير، ولكن كان يقول لي إنني الآن أجاهد نفسي وأنمي ذاتي ، وكل ذلك أفعله تعويضاً عن الخسارة التربوية التي عشتها، لأن والدى لم يربياني تربية صالحة، وأنا الأن مشغول بنفسي لأعيد تشكيلها وتربيتها.
وكأن موقفه وكلامه ينم عن جرأة وقوة، وأنه سيعتمد على نفسه في تـنمية ذاته وإيمانه.
وإني أتساءل عن أسباب وصول شبابنا وبناتنا إلى هذا المستوى التربوي.
هل لأن الوالدين اختلفت أولوياتهما بالحياة؟.. أم أن الاعتماد على المؤسسات التربوية أصبحت هى الأساس، وأصبحت تربية البيت هى الإستثناء؟.. أم أن هم الوالدين التربوي لم يصبح هو الهم الأول في حياتهم، وبالتالي فإن قرار الزواج كان خطأ من البداية.
لأن الطفل عندما يأتي إلى الدنيا ويهمل تربوياً فإنه بمثابة الفيروس الذي يكون سبباً في إشاعة الفساد والانحراف في المجتمع، وهذا أشد فتكاً من فيروس إنفلونزا الطيور، ولو رجعنا إلى الاحصاءات والدراسات التي تحلل أسباب إنحراف الأبناء وفسادهم ودخولهم في دور رعاية الأحداث لوجدنا أن السبب الرئيسي غياب الوالدين وانشغالهم وعدم وجودهم تربوياً مع أبنائهم.
فأيهما أولى الخوف من إنفلونزا الطيور أم الخوف من إنفلونزا التربية؟
إن إنفلونزا الطيور يعلج بالدواء، ولكن إنفلونزا التربية السيئة ينشر ضررة في المجتمع كله وتحتاج لعلاجها إلى مستشفيات كبيرة ومصحات تربوية ضخمة وليس إلى دواء بسيط.