الشباب الفلسطيني والعقبات

جامعة بيرزيت بين أزمة التعليم وحاجز سردا

أجرت المقابلات: رزان شوابكة

ننجو بأحلامنا لنكمل به غداً آت ، استطعنا ان نصنع من تلك الحواجز وبؤس المشاهد اليومية حلماً آخر للنجاة، هنا أو هناك ليس بعيدا.. نشدو لحن العذاب اليومي لتبقى عيوننا " كرجل المهمات الصعبة" صامدة أمام ذل ومهانة الحياة، بالرغم من ذلك كله لا زلنا نحتفظ بالألم والأمل معاً...

على حاجز سردا...حيث يستقبل طلبة جامعة بيرزيت كل يوم جديد بمزيد من العبء والهموم، ففي الآونة الأخيرة عانت الجامعة من فترات انقطاع متواصلة على صعيد الحياة الاكاديمية بسبب امور لا تخفى علينا من اجتياحات متتابعة وفرض منع التجول وحاجز سردا أولا وأخيرا، ترتب على ذلك ظهور أزمات و مشاكل داخلية وخارجية... بناء على ذلك قامت الجامعة باتباع سياسة جديدة نوعا ما، على أمل الحفاظ على استمرارية الحياة الاكاديمية للجامعة، يمكن تسميتها من ناحية أخرى ( خطة طوارىء)...

بداية توجهنا إلى الاستاذ زياد عزت عميد شؤون الطلبة في جامعة بيرزيت، وسألناه عن الفترة الاخيرة التي مرت بها الجامعة، فقال: " إن الهجمة الشرسة التي تعرضنا لها على مدى أشهر القليلة الماضية لم تسثني أي جامعة أو مؤسسة لأن الاحتلال أولا وأخيرا يهدف إلى تدمير البنية التحتية وخاصة المنشآت التعليمية، جامعة بيرزيت عانت مؤخرا من أزمة كبيرة على الصعيد الاكاديمي بسبب الاجتياحات المتكررة وفرض منع التجول على مدينة رام الله بين الحين والآخر والمناطق المجاورة لها. بدأت تتضح معالم المشكلة الاولى بعد بدء الفصل الاول وثم حدوث فترة انقطاع طويلة، وقد لعب حاجز سردا الدور الاكبر في عرقلة التعليم، فهو كل ساعة بحال والتغيرات التي تحدث بين الفينة والفينة سريعة وطارئة تحدث دون أي سابق انذار، وهذا بالتالي أدى إلى ارباك واضطراب على صعيد تواصل الجامعة بالطلبة والموظفين المقيمين في رام الله، إضافة إلى ذلك فإن الطرق الاخرى التي تصل بين رام الله والقرى الشرقية باتت صعبة وتكلف الطالب جهدا ووقتا ومالا، وهذا يشكل عبئاً إضافيا على عبء الدراسة، وفي نهاية الامر اتضح أن الفصل الأول قد شارف على الانتهاء زمنياً إلا انه أكاديماً لم ننهي منه إلا 30%. لذلك اقتضى من الجامعة الشروع في عدة خطوات واجراءات لإعادة الحياة إلى المسيرة الاكاديمية، على أخذها عد أمور بعين الاعتبار، منها:

1- انهاء الفصل الأول الذي بدأ بالفعل.

2- الاستمرار في التعليم بأقل خسائر ممكنة

3- إن الحفاظ على الحياة الاكاديمية هو أولا وأخيرا يشكل تحدياً لهذا الاحتلال وتلك الحواجز.

بعد عدة اجتماعات عقدت بين ادارة الجامعة والهيئة التدريسية، تمكنا من تنفيذ عدة أفكار طرحت فيما مضى، منها:

1- أن تنتقل العملية التدريسية إلى رام الله بصورة كلية أو إلى بيرزيت أو المنطقتين معاً وهذا ما حدث فعلاً مع مراعاة لعدد الاستتذة والطلبة في كل من المنطقتين.

2- تم تغيير البرنامج الدراسي بما يتوافق و التغيرات الطارئة والسريعة ، على سيبل المثال طلب من الطلبة والاساتذدة المقيمين في رام الله التوجه إلى مدرسة الكلية الاهلية لمتابعة الدراسة بغض النظر عن كون ذلك الاستاذ هو مدرس المادة أم لا، وكذلك كان الحال مع طلبة بيرزيت الذين توجهوا إلى الجامعة.

بعد مرور فترة من الوقت وهدوء الاوضاع الميدانية نوعاً ما، أخذت الامتحانات النهائية تقدم – بصورة كاملة- في بيرزيت بدلا من رام الله وتمكنا في نهاية الفصل من إنهاء 90% من الدراسة علاوة على 5% سنستوفيها مع بداية الفصل القادم 2002/2003. أما عن الفصل الصيفي فقد جعلته الجامعة وسيلة مساعدة إضافية للطلبة الخريجين الذين بقي عليهم عدد من الساعات القليلة لإنهاء الفصل الأخير لهم.

من الامور الجديدة نوعاً ما، كانت رتاج...ماذا عنها؟

رتاج جاءت كعامل مساعد لا بديل، في الواقع أن هذه الفكرة كانت دائماً موضع بحث، فهي ليست وليدة اللحظة، في حقيقة الأمر أن عدد كبير من جامعات الخارج تطبق هذه الفكرة، وفي جامعة بيرزيت بدأت هذه الفكرة أصلا من كلية العلوم ثم انتشرت إلى باقي الدوائر الأخرى، ولولا تصميم من إدارة الجامعة وعميد كلية العلوم د. عزيز شوابكة لما كانت، وفيما بعد أخذت الفكرة تستحدث وتتطور لتناسب كل ما هو جديد وملح، فمثلا فإن عملية التسجيل الأولي للمواد تتم بواسطة رتاج ، بحيث تسهل الامور على الطالب والجامعة في آن واحد.

لكن العديد من الطلبة اشتكوا من عدم وجود " خطة طوارئ" إذا أمكن القول، للتفادى الجامعة من الوقوع في مثل هذه الازمات الاكاديمية.

اولاً، من الخطأ تسميتها خطة طوارئ، لأن خطط الطوارئ نضعها لتأتي كبديل موؤقت عن الدائم في حالة تعطله بسبب أمور خارجة عن ارادتنا، وخطط الطوارئ تلك نضعها أثناء استقرار الوضع وسير الامور بشكله الطبيعي والعادي، ولكننا منذ ما يقارب العامين نحيا حياة غير مستقرة م ومضطربة، وهذا لا ينطبق على جامعة بيرزيت فقط وإنما على كافة مظاهر الحياة الأخرى، أضف إلى ذلك أن الجامعة طرحت عدة أفكار لتكون قيد التنفيذ إذا لزم الأمر، لكنها في نهاية الامر ستكون عبثاً إذا ما أقدمت المجنزرات الاسرائيلية – مثلاً- على دخول الجامعة واحتلالها. لذلك يجب دوماً أن نأخذ بعين الاعتبار أن كل شيء مرتبط بما هو آت، ونحن فقط نحاول التكيف بقدر الامكان مع " الآن"، وبالرغم من تلك العشوائية التي نواجهها في حياتنا إلا أنه يجي علينا التعامل مع الامور بمرونة أكبر وبشيء من التنظيم.

هذا بالنسبة للعام السابق...ماذا عن العام القادم، بداية ما هي الامور التي تستخلصها من تجربة العام المنصرم؟

1- التكثيف العالي في الدراسة

2- الاصرار على التعليم بمكل ما أتيح لنا من فرص وإمكانيات

3- التعامل مع الامور بمرونة أكبر وهذا ما حدث بالفعل مؤخرا

4- متابعة واستحداث رتاج بكل ما اتيح لنا من امكانيات

5- التواصل مع الطلبة بقدر الامكان

هل توجد أي خطط مستقبلية بالنسبة للعام القادم؟

أعيد وأكرر، أننا مهما وضعنا من خطط وأفكار إلا أننا في النهاية لا نستطيع ضمان نجاحها، لكن الجامعة وضعت عدة نقاط لتنفذ للعام الفادم وهي:

1- تقسيم التعليم في جامعة بيرزيت إلى قسمين:

أ‌- قسم في كلية الهندسة والعلوم

ب‌- قسم في كلية التجارة

بحيث يطلب من بعض الاساتذة المقيمين في مناطق بعيدة عن الجامعة كالقدس مثلاً، بالحضور ثلاثة أيام اسبوعيا وهكذا ستتوزع الحصص الدراسية على مدى ثلاثة أيام وليس الاسبوع كله وبقية الاسبوع ستكون من نصيب القسم الآخر، وستحاول الجامعة توفير مكان الاقامة لهم.

أخيرا... ماذا عن فكرة أرغام الطلبة والاساتذة المقيمين في المناطق الأخرى السكن في بيرزيت؟

الجامعة لا ترغم أحد على فعل شيء، وانما تطلب منهم ما هو ضمن إمكانياتهم وقدراتهم، على أي حال لا يمكن ل ستة آلاف طالب القدوم إلى بيريزت والسكن فيها، هل البيئة التحتية للبلدة قادرة على استيعابهم؟ بالتأكيد لا وسينجم عن هذا الامر مشاكل عدية لا حصر لها، مع ذلك فقد سكن العديد من الطلبة في بيرزيت، في النهاية يبقى هذا الامر للطالب والاستاذ نفسه لا علاقة لنا به.

الجامعة تمكنت في النهاية أن تواجه الأزمة وتكون على قدر التحدي والمسؤولية، والسياسة التي اتبعتها مؤخرا عادت بالكثير من النفع على الطلبة أهمها أنهائهم للفصل الاول قبل فوات الآوان على عكس بعض الجامعات الفلسطينية الأخرى التي ما زالت تعاني من المشكلة ذاتها

في سؤالنا عن تقييم الطلبة للإجراءات والسياسة التي اتخذتها الجامعة، قالت لنا هديل مخلوف/ كلية التجارة:

لقد انتهجت الجامعة اسلوبا جديداً من حيث إيجاد اماكن بديلة عن الجامعة لمتابعة التعليم مثل الكلية الأهلية في رام الله والجامعة نفسها في بيرزيت، عدا عن الدراسة عبر الانترنت ( رتاج)، ان جميع تلك الامور خلقت لدي نوعاً من الارباك والتشتت وفقدان التركيز، فقد كان من الافضل جمع الطلبة في مكان واحد وذلك سيعود بنتيجة وفائدة اكبر وأشمل، علاوة على ذلك كله فقد أصابني نوع من عدم الاهتمام كما كان الحال مع معظم الطلبة من حيث الانتظام في الذهاب لتلك الاماكن البديلة، ناهيك عن ضغط الدراسة الذي جاء بشكل سريع ومكثف مما شكل عبء كبير خاصة انه لم تكن هناك فترة كافية للدراسة لتقديم الامتحانات النهائية، حيث أن أغلب المواد التي قدمت فيها الامتحانات لم تشرح بعد.

الم تحقق تلك السياسة والنظم الجديدة الاهداف المرجوة منها؟

في الحقيقة، بالرغم من انهائنا للفصل الدراسي، وتقديمنا للامتحانات النهائية لكن على الصعيد التحصيل الاكاديمي والدراسي لم نحقق النتائج المتوقعة عادة بعد انهاء المادة والفصل الدراسي حيت اختصر جميع الفصل في الشهر الاخير مما شكل ضغط وعبء هائلين وبالكاد استطعنا استيعاب المواد المطلوبة منا آنذاك.

أما محمد أسعد، طالب من كلية التجارة سنة ثالثة، فيقول: ان مشكلة الجامعة الحقيقة كانت في عدم اتخاذها الاجراءات المناسبة في حال حدوث مثل تلك الازمات اي غياب خطة طوارىء لمعالجة المشاكل الاكاديمية على وجه الخصوص. منذ بداية الازمة وحدوث فترات الانقطاع المتتالية عن الدراسة، اجتمع عدد من مجلس الطلبة ومسؤولين من الجامعة الذين ادعوا وجود خطة طوارئ جاهزة اذا ما لزم الامر بالاضافة إلى وجود فصل صيفي لكن اتضح العكس فيما بعد.

المشكلة الحقيقية كانت في الشهر الاخير من الفصل الدراسي حيث تم ضغط الدراسة في مدة أفل من شهر لنقدمها في نهاية الامر اختبار نهائي (Final exam)، فمثلا انا أدرس علوم مصرفية ومالية، من المفروض انهاء 18 ساعة خلال هذا الفصل، في المدة الاخيرة وجب علي دراسة عشرة فصول (10 chapters) من المادة لكن نصف المادة تم شرحها في مدة زمنية لا تتعدى ثلاث ساعات وتم تقديم الامتحان النهائي في المادة كلها واختصر العملية كلها بكلمة واحدة "شلفقة".

عدا عن هذا الامر، فإن 66% من طلاب الجامعة سنة اولى أو ثانية تركوا الجامعة وانتقلوا للدراسة في جامعات خارج الضفة ناهيك عما يترتب على ذلك فيما بعد من نقص في عدد الطلبة الجدد.

هل تؤيد اتباع تلك السياسة للعام الدراسي القادم اذا ما دعت الضرورة؟

اعتقد لا، فعدد طلبة الجامعة لا يقل عن 5000 طالب وفكرة تقسيم أماكن الدراسة إلى رام الله وبيرزيت مثلا، امر لا فائدة منه، علاوة على تشتت الطلبة وعدم انتظامهم في الذهاب إلى تلك الاماكن المعنية، فإن في العام القادم لن تتوفر اماكن اخرى في منطقة رام الله لأنها ستكون شاغرة بطلبة المدارس. ومن الصعب ايجاد مكان يتسع لعدد الطلبة الكبير.

ما الحل إذن؟

استطيع القول انه يجب على الجامعة اجبار جميع الطلبة والاساتذة على السكن في بيرزيت تفادياً لأي أزمات على الصعيد الاكاديمي بالضبط كما فعلت جامعة نجاح في نابلس واعتقد انه هذه الطريقة هي الامثل لحل المشكلة.

ماذا عن رتاج؟

كخطوة عملية...جيدة، لكنها لا تأتي كبديل عن الدراسة في الجامعة، وذلك يعتمد على الطالب وعلى المواد التي يدرسها، وأغلب المواد الموجودة على رتاج لم تشرح بعد، وفي الوقت ذاته هي مادة الاختبار النهائي، بالرغم من وجود رتاج الذي قدم يد العون والمساعدة للطلبة إلا ان فكرة تنفيذه جاءت متأخرة، من المفروض انها نفذت منذ فترة طويلة.

طالب آخر من كلية الهندسة السنة الأخيرة يقول حول هذا الموضوع: إن الجامعة راعت أمر واحد فقط وهو منطفة رام الله والطلبة المقيمين فيها، بالرغم من أهمية الموضوع إلا أن تلك النقطة كانت على حساب عدة أمور من أهمها وضع الطلبة الآخرين من مدن وقرى مختلفة، كجنين ونابلس والخليل، فقد استلزم الامر الاقامة في بيرزيت للحفاظ على مستقبلك الاكاديمي، من الصعوبات التي واجهتها في الآونة الاخيرة أنا وطلبة آخرون،اولاً عدم مراعاة الاساتذة للوضع والعبء الكبير الذي خلفته الازمات الاكاديمية على الطالب على وجه الخصوص، ثانياً ضغط دراسي هائل وتكليفنا بعدة مشاريع وأبحاث في آن واحد ولمدة زمنية قصيرة جداً. وأما رتاج بالرغم من جودة الفكرة إلا أنها مكلفة بالفعل، ناهيك عن عدم توفر خدمة الانترنت في أغلب المناطق الاخرى، لكننا لا ننفي ايجابية الفكرة.

السلام عليكم شكرا لكي تقبلي مروري تحياتي الك فرح

مشكوووووووووووووووورة رنا على الطرح الرائع


ويعطيكي الف عافية على مجهودك الرائع


تقبلي مروري