بسم الله الرحمن الرحيم
تقرير صادر عن نادي الأسير الفلسطيني بمناسبة يوم الطفل العالمي: 350 طفلاً قاصراً يقبعون في سجون الاحتلال واجراءات قمعية تنتهك الاتفاقيات الدولية لحماية
الخليل / صابرون - 2003-06-07
تتصاعد الانتهاكات الصهيونية ازاء حقوق الاطفال الفلسطينيين بوتيرة عالية خلال الانتفاضة الفلسطينية الحالية حيث تزايد استخدام العنف ضدهم وزجّ بالآلاف منهم في السجون والمعتقلات الصهيونية.
وتحتجز سلطات الاحتلال الصهيوني 350 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 13 إلى 18 عاما، خلال سنوات انتفاضة الأقصى الحالية، وقد تعرّض العديد منهم خلال فترة اعتقالهم لأنماط متنوعة من التعذيب والإهانة والمعاملة القاسية منذ لحظة إلقاء القبض عليهم والطريقة الوحشية التي يتم بها اقتيادهم من منازلهم في ساعات متأخرة من الليل والمعاملة المهينة التي يتعرضون لها أثناء نقلهم للمعتقلات أو مراكز التحقيق، إضافة إلى طرق التحقيق المتنوعة والقاسية التي تمارس ضدهم، وإجراءات المحاكم التعسفية وغير العادلة في حقهم.
السياسة الصهيونية في اعتقال الأطفال
اولاً: الطرق المتبعة في اعتقال الاطفال الفلسطينيين
من خلال افادات المعتقلين الاطفال الذين تمت زيارتهم من قبل محامي نادي الاسير الفلسطيني في اماكن حجزهم تبين ان الجيش الصهيوني واجهزته الامنية قد اتبع عدة طرق في اعتقال الفلسطينيين عموماً والاطفال خصوصاً حيث:
1-بعض الاطفال الفلسطينيين تم اعتقالهم من الشارع لمجرد الاشتباه فيهم بالقاء الحجارة على دورية عسكرية او سيارة امنية صهيونية (مثلما حدث اثناء اعتقال الطفل ايهاب خميس منصور من مواليد مخيم بلاطة عام 1985 الذي تم اعتقاله من الحي الذي يسكن فيه بعد قيام مجموعة من الشبان بالقاء حجارة على الجنود الصهاينة حيث تم المناداة عليه واعتقاله وذلك بتاريخ 16/1/2002).
2-هناك حالات تم اعتقالها اثناء مرورها على الحواجز الصهيونية بسبب ورود اسمائها على لوائح المطلوبين الموزعة على افراد الامن الصهيوني.
3-معظم الحالات تم اعتقالها من قبل جهاز المخابرات الصهيونية وبتنسيق مع وحدات الجيش حيث تم مداهمة منازل الاطفال في ساعات متأخرة من الليل وبطريقة وحشية تثير الرعب والخوف في نفوس افراد عائلة المعتقل ويتم تفتيش المنزل والعبث بمحتوياته واحياناً تحطيم ابوابه وربما تفجيرها حيث يتم اخراج سكان المنزل وشبحهم في الخارج والتدقيق في هوياتهم وتفتيشهم جسدياً ومن ثم يتم القاء القبض على الطفل المنوي اعتقاله وعادة ما يتم تقييد يديه بكلبشات بلاستيكية او معدنية وتعصيب عينيه على مرأى من افراد عائلته ويجري اقتياده الى جهة مجهولة (مثلما حدث اثناء اعتقال الطفل سعيد محمد سعيد سمار من مواليد اليامون/جنين والذي تم مداهمة منزله الساعة الرابعة صباحاً يوم 2/8/2002 وتم اخراج جميع افراد اسرته والقي القبض عليه من بينهم وتم تكبيل يديه وتعصيب عينيه واقتياده الى معسكر سالم. وكذلك الحال اثناء اعتقال الطفل ذاكر عزيز عزت عرار من مواليد رام الله عام 1985 والذي تم محاصرة بيتهم من قبل قوات الجيش والمخابرات الصهيونية يوم 14/12/2002 وتم اعتقاله بعد الاعتداء عليه بالضرب امام افراد اسرته، اما الطفلة خولة عبد الله سليمان حشاش من مواليد مخيم بلاطة فقد تم اعتقالها مع ابيها بتاريخ 10/4/2003 الساعة الثالثة والنصف صباحاً بعد ان تم مداهمة بيت اهلها وتفتيشه تفتيشاً دقيقاً).
ثانياً: المعاملة المهينة والقاسية.
بعد الاعتقال مباشرة يتم اقتياد الاطفال المعتقلين ونقلهم مكبلي الايدي ومعصوبي الاعين الى مراكز الاعتقال والتحقيق، حيث ثبت انهم قد تعرضوا للاعتداء والضرب والشتم من قبل الجنود الذين رافقوهم في طريقهم واثناء نقلهم الى هذه المراكز، وقد افاد الطفل سليم صابر سليم سالم من مواليد طولكرم ان الجنود الصهاينة وبعد اعتقاله من بيته الساعة الثانية صباحاً يوم 11/2/2003 واثناء نقله الى مقر الارتباط الصهيوني في طولكرم قد انهالوا عليه بالضرب وركلوه بقبضات الايدي والارجل بعد ان كبلوا يديه بكلبشات بلاستيكية وعصبوا عينيه. كذلك افاد الطفل بلال محمد سعيد السعدي من جنين والذي تم اعتقاله الساعة الرابعة صباحاً من بيته بتاريخ 5/12/2002 بأن الجنود الصهاينة قاموا بالاعتداء عليه بالضرب المبرح مستخدمين اعقاب البنادق والخوذ الحديدية وذلك اثناء نقله الى معسكر سالم بعد اعتقاله مباشرة وما زال السعدي يعاني من حالة نفسية صعبة جداً وهو الان رهن الاعتقال الاداري في سجن النقب الصحراوي.
كما وافاد العديد من الاطفال المعتقلين ان الكلبشات البلاستيكية التي يستخدمها الجيش الصهيوني مؤذية جداً واحياناً تتغرز بالجلد مسببة آلام شديدة وتورم وقد يصل الامر الى درجة احداث نزيف دموي، وان هؤلاء الاطفال قد تعرضوا للشبح المتواصل لساعات طويلة حيث كانت ايديهم مكبلة واعينهم معصبة ولم يسمح لهم بشرب الماء او تناول الطعام او قضاء الحاجة.
ثالثاً: التحقيق والتعذيب
يتم نقل الطفل بعد اعتقاله الى احدى مراكز التحقيق او التوقيف العسكرية (معسكر عوفر، بيت ايل، عتصيون، سالم، قدوميم، حوارة) او اياً من مراكز التحقيق التي تخضع مباشرة لاشراف جهاز المخابرات العامة، حيث يتعرض الاطفال خلال حجزهم الى انماط مختلفة من التعذيب والاهانة منها:
1-الضرب على جميع انحاء الجسم وخاصة في المناطق العليا والرأس (كما حدث مع الطفل محمد حسن مصطفى النجار من مواليد مخيم الدهيشة عام 1987 والذي اعتقل بتاريخ 22/11/2002 حيث تعرض للضرب العنيف في جميع انحاء جسمه وعلى رأسه.
2-الهز بشكل متكرر، الامر الذي يعرض الطفل الى فقدان الوعي والاغماء كما حدث مع الطفل مجدي عيسى من مواليد الخضر/بيت لحم والذي اعتقل من بيته يوم 18/1/2002.
3-الشبح المتواصل وذلك بربط الارجل والايدي واجبار الطفل على الوقوف او الجلوس لساعات طويلة (اسلوب يستخدم بكثرة مع جميع الحالات التي يتم اعتقالها).
4-الحرمان من النوم والطعام وقضاء الحاجة.
5-الاذلال والاهانة وشتم الاطفال بكلمات نابية وبذيئة وتهديدهم بالمساس بأهلهم او بيوتهم (كما حدث مع الطفلة ايمان عطية ابو طبو والطفلة ريم عواد محمد حمدان من مواليد مخيم بلاطة).
6-سكب الماء البارد او الساخن على الطفل اثناء التحقيق معه.
7-ارسال الطفل الى غرف العملاء لانتزاع الاعتراف منه.
8-عزل الطفل في زنزانة انفرادية والعمل على ارهاقه نفسياً وجسدياً (كما حدث مع الطفل محمد حسن النجار والطفل ذاكر عزيز عرار).
رابعاً: ظروف الحجز والاعتقال والمحاكمات الجائرة
بعد الانتهاء من عملية التحقيق مع الاطفال الفلسطينيين يتم نقلهم الى احدى مراكز الاعتقال الصهيونية لانتظار المحاكمة او قضاء مدة حكمهم (المعتقلين ادارياً) وقد اتضح لي من خلال زيارتي الاخيرة ان المعتقلين الاطفال قد تم احتجازهم في عدة سجون هي تلموند الذي يضم حوالي 68 طفلا، مجدو الذي يضم حوالي 40 طفلا، النقب ويحتجز فيه حوالي 38 طفلا، عوفر ويحتجز فيه 25 طفلا، بيت ايل ويحتجز فيه 10 اطفال، وعتصيون ويحتجز فيه حوالي 14 طفلا، وهناك حوالي 40 طفلا في معسكرات سالم وحوارة وقدوميم. هذا اضافة الى وجود حوالي 11 طفلة يحتجزون في سجن الرملة للنساء. ويعيش المعتقلون الاطفال ظروفاً اعتقالية سيئة للغاية من حيث:
1-حرمانهم من زيارة اهاليهم.
2-تعرضهم للضغط النفسي والجسدي الناتج عن استمرار احتجازهم.
3-حرمانهم من وصول الملابس والمواد الغذائية.
4-حرمانهم من متابعة تحصيلهم العلمي وما يترتب على ذلك من آثار نفسية ومعنوية.
5-حرمانهم من تلقي العناية الصحية المناسبة.
وقد اكد على ذلك العديد من الاطفال المعتقلين الذين تمت زيارتهم ومن بينهم الطفل جهاد عبد الرحمن محمد يوسف من مواليد مخيم الدهيشة عام 1986 والذي اعتقل بتاريخ 22/11/2002 الذي يعاني من اصابة بالرصاص في منطقثة الحوض ويحتاج الى عناية طبية. كذلك الطفلة المعتقلة رهام موسى الشيخ من مخيم طولكرم التي تعاني من نزيف جراء اصابتها في منطقة البطن.
اما فيما يخص سوء المعاملة والنقص في الملابس فقد افاد الطفل ابراهيم عبد الكريم بلقيس من مواليد قرية زيتا/طولكرم عام 1986 والمعتقل منذ تاريخ 19/6/2002 بأن ادارة سجن النقب تعامل المعتقلين بشكل سيئ واستفزازي وان هناك العديد من المعتقلين الاطفال تنقصهم الملابس وذلك بسبب عدم السماح لذويهم بزيارتهم.
خامساً: التأثير النفسي والاجتماعي على الاطفال المعتقلين.
لقد تركت ظروف الاعتقال اللاانسانية والمعاملة المهينة واساليب التحقيق القاسية اثراً سلبياً على حياة معظم الاطفال الفلسطينيين الذين اعتقلوا في السجون الاسرائيلية، حيث لم يتوقف تأثير الاعتقال على الاطفال على الجانب النفسي فقط بل تخطاه الى جوانب اجتماعية اخرى وقد افاد العديد من الاطفال الذين تمت زيارتهم بأن الاعتقال تسبب في تراجع مستواهم الاكاديمي وان هناك اطفال معتقلين يعانون من اوضاع نفسية صعبة مثل حالة الطفل زياد محمد الرياضي من رام الله وحالة الطفل اياد كامل عبد الهادي من مخيم العروب. وكذلك هو الحال لدى الأسيرات تحت السن القانوني واللواتي يشعرن بحالة من الحرمان والعزلة في سجنهم.