أول الشهداء المعاقين هو الشهيد هشام أحمد مقبل الذي سقط بتاريخ 7/10/2000 عقب اندلاع انتفاضة الأقصى بأيام معدودة جراء إطلاق النار تجاهه من قبل قوات الاحتلال المتمركزة في مستوطنة نتساريم. قوات الاحتلال أطلقت النيران تجاه مقبل البالغ من العمر 45 عاما فأصابته برصاصة قاتلة في بطنه، وقد أطلقت قوات الاحتلال النيران باتجاهه في وقت لم تشهد فيه المنطقة أية مواجهات بين المتظاهرين الفلسطينيين وقوات الاحتلال رغم انه لم يكن يشكل أي خطر يهدد حياة جنود الاحتلال المحصنين داخل المستوطنة...نيرانهم أسقطته أرضا يوم 24/11/2000 شهد استشهد الشاب زياد خليل محمد أبو جزر 22 عام من سكان رفح بعد إصابته بعدة عبارات نارية في الصدر والذراع الأيسر والفخذ الأيسر والساق الأيسر. أبو جزر المعاق عقليا والمعاق حركيا ويسير ببطء شديد كونه مصاب بالكساح، كان يقطن في المنطقة التي استشهد فيها في رفح. ووفق التحقيقات تبين انه لم يشارك في أية مواجهات أو نشاطات ضد قوات الاحتلال عندما تعرض لإطلاق النار من دبابة صهيونية تتمركز بالقرب من بوابة صلاح الدين على الشريط الحدودي في رفح.
أحد شهود العيان تحدث حول ظروف استشهاد أبو جزر فقال: "كنت متواجدا في بيت عزاء الشهيد نجيب قشطة المقام في حي قشطة شرق شارع عمر بن الخطاب على بعد حوالي 200 متر شمال بوابة صلاح الدين على الشريط الحدودي مع مصر وكنت انظر باتجاه البوابة عندما شاهدت مدرعة صهيونية تقف خلفها. سمعت صوت إطلاق نار وبعد ثواني قليلة شاهدت شابا يخرج من احد الشوارع الفرعية الواقعة غرب شارع عمر بن الخطاب يسير بخطوات بطيئة وسمعت أصوات انطلاق أعيرة نارية وشاهدت وميضها الأحمر ينطلق من المدرعة الصهيونية ويصيب الشاب من مسافة تبلغ 150 متر، وأضاف: " شاهدت الشاب يسقط أرضا وقد كان إطلاق النار كثيفا باتجاهه وحوله واستمر لمدة دقيقة تقريبا، احد الشباب اقترب من المصاب لمساعدته فأطلق جنود الاحتلال النار باتجاهه هو أيضا وشاهدته يستلقي على الأرض.
وتابع الشاهد: "وبعد حوالي دقيقة من الوقت تقدمت أنا وسبعة شباب كانوا في بيت العزاء نحو الشابين ولحقت بنا سيارتين مدنيتين وقمنا بنقل الشابين لعيادة صحية في حي الجنينة في رفح حيث تبين لي أن الشاب المصاب هو زياد أبو جزر وبعد حوالي نصف ساعة من وصولنا للمستشفي علمنا انه فارق الحياة.
القذائف المسمارية بالمرصاد
مصطفى حمدان الرملاوي 42 عاما شهيد آخر من المعاقين الفلسطينيين سقط نتيجة إتباع قوات الاحتلال لأسلوب انتهجته ضد الفلسطينيين كافة، متعمدة قتلهم وإيقاع أكبر قدر من الخسائر بينهم، الرملاوي سقط بتاريخ 2/3/2001 عندما أطلقت قوات الاحتلال الصهيوني قذيفة مدفعية تجاهه فأصابته في رأسه وفي أنحاء متفرقة من جسده وقتلته رغم انه كان معاقا عقليا طبقا للمصادر الطبية الرسمية.
ذوو الرملاوي أكدوا بأنه كان معتاد على الخروج والسير بلا هدى، وكان في أحيان عدة يخرج من منزله ولا يعود إلا في اليوم الثاني، الشهيد لم يكن يعلم بان دبابات الاحتلال وقذائفه المسمارية المميتة في انتظاره وكأنها تترقب مروره لتقتله رغم إعاقته التي تحول دون إمكانية أن يشكل أي خطر يذكر على قوات الاحتلال، وهو ما يؤكد بان جريمة قتله كانت متعمدة.
وأفاد ذوو الشهيد إلى أن الشهيد الرملاوي كان يمر سيرا على الأقدام في شارع صلاح الدين الذي يصل شمال قطاع غزة مع جنوبه، وبمجرد وصوله إلى مفترق الشهداء الذي تتفرع منه غربا طريق مستوطنة نتساريم جنوب غزة أطلقت دبابة تابعة لقوات الاحتلال قذيفة مدفعية باتجاهه وإصابته في رأسه مما أدى إلى استشهاده على الفور، على الرغم من أن قوات الاحتلال كان يمكنها اللجوء لوسائل أقل فتكا كالاعتقال أو إطلاق النار تجاه الجزء السفلي من الجسد. الناطق العسكري الصهيوني برر هذه الجريمة قائلا بأن أي شخص يتواجد في تلك المنطقة ليلا هو مشتبه بالضلوع في نشاطات إرهابية.
شهيد مجهول الهوية
المواطن محمد محمود أبو حصيرة 37 عاما من سكان حي الدرج في مدينة غزة معاق عقليا استشهد بتاريخ 5/1/2002. ولقصة استشهاده حكاية رواها أحد أفراد عائلته قائلا: "محمد كان معاق عقليا وكان يتلقى العلاج في مستشفى للأمراض العقلية بغزة. اختفى محمد قبل استشهاده بأيام ثلاثة، ولم يثر اختفاءه في نفوسنا الكثير من القلق لأننا كنا معتادين على ذلك حيث سبق له وان اختفى مرات عدة ولأيام، كان في كل مرة يعود بعدها للبيت أو يقوم احد أشقاؤه بالبحث عنه حتى يجده، مرت أيام ثلاثة على اختفائه دون أن تتوفر أية معلومات عنه وبداء القلق يجد طريقه لنفوسنا إلى أن سمعنا إعلان يتكرر في تلفزيون فلسطين عن شهيد مجهول الهوية.
وأضاف: "توجهنا لمستشفى الشفاء وهناك اكتشفنا أن الشهيد مجهول الهوية هو محمد، علمنا بعد ذلك أن محمد أصيب بينما كان بالقرب من الشريط الحدودي شمال بيت حانون حيث أن قوات الاحتلال أطلقت نيرانها تجاهه لمجرد تواجده في المنطقة فأصابته بحوالي 20 رصاصة اخترقت الرأس والصدر والبطن والحوض مما أدى إلى استشهاده.
قتلوه دون رحمة
قصة أخرى من قصص الشهداء المعاقين لاتقل ايلاما عن باقي القصص، بل قد تزيد، هي قصة شهيد كان يعاني من إعاقة حركية في قدمه اليسرى. إنها قصة الشهيد أنور عادل عبد الغني 28 عاما من سكان بلدة صيدا شمال شرق طولكرم. عبد الغني قتل بشكل عمد بتاريخ 15/2/2002 خلال اقتحام قوات الاحتلال لبلدته، حيث فرضت حظر التجول على البلدة وحاصرت منزل الشهيد وطلبت منه عبر مكبرا الصوت تسليم نفسه. عبد الغني فر من الباب الخلفي إلى ساحة بيت مجاور فأطلق أحد جنود الاحتلال عيارا ناريا باتجاهه من مسافة تقدر ما بين سبعة إلى عشرة أمتار.
وذكر شهود عيان أن جنود الاحتلال فتحوا أسلحتهم الرشاشة باتجاه عبد الغني مباشرة، رغم انه سقط أرضا فأصابوه بخمسة أعيرة نارية في رأسه ورقبته مما أدى إلى استشهاده على الفور. ورغم أن منزل الشهيد ومنزل جاره الذي قفز إلى حديقته من على سور يفصل بينهما كان محاصرين، مما يسهل عملية اعتقاله أو استخدام قوة أقل فتكا ضده بدل قتله بشكل متعمد إلا أن جنود الاحتلال وكعادتهم فضلوا قتل المواطن المعاق حركيا دون رحمة أو رأفة!!!
إن ما تؤكد هذه هو أن قوات الاحتلال تلجأ إلى استخدام القوة بهدف القتل وسقوط العشرات من الشهداء في انتهاك سافر لمبدأ الحق في الحياة والسلامة البدنية وفي انتهاك سافر لمعايير القانون الدولي الإنساني الذي تتشدق به الولايات المتحدة الأمريكية بطريقة مزيفة.